مع مرور عام على انفجار 4 آب، لا زال المسؤولون عن الجريمة الأكبر في تاريخ لبنان دون محاسبة. عام على الفاجعة التي أودت بحياة أكثر من 200 شخصاً، وخلفت آلاف الجرحى والمهجرين، واسفرت عن دمار آلاف البيوت والأعمال، والسلطة السياسية تعرقل التحقيق وتعيق القضاء بفعل تمسكها بالحصانات.
يوما بعد يوم، يتم التأكد من ان السلطة تريد لهذه المقتلة الجماعية أن تمرّ كما سائر الجرائم الأخرى بينما تحاول الطبقة السياسية التمسّك بالسلطة على حساب دماء الضحايا، ويحاول النظام إعادة إنتاج نفسه عبر تسويات سياسية متتالية.
وكانت "كلنا إرادة" قد دعت مع 53 من المنظمات الحقوقية اللبنانية والإقليمية والدولية والأفراد، بالإضافة إلى 62 من الناجين وعائلات الضحايا ورجال الإطفاء، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إيفاد بعثة للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت. وهي تؤكد مجدداً على مطالبتها بذلك لمؤازرة القضاء اللبناني على اجراء التحقيقات والوصول الى تحديد المسؤوليات السياسية والإدارية والجنائية حول ما جرى.
ان الإفلات من العقاب بات أحد أسس النظام السياسي اللبناني منذ انتهاء الحرب الاهلية، بعدما اختار تحالف امراء الحرب الافلات من مسؤولياتهم عبر إقرار قانون العفو العام ورفض التعاون من أجل كشف مصير مفقودي الحرب الاهلية، الامر الذي سمح للاغتيالات السياسية التي طبعت الحياة العامة في لبنان ان تستمر الى يومنا هذا.
ان ما حدث في السنتين الأخيرتين هو التعبير الأكثر قساوة عن ثلاثين عاما من سوء الإدارة وتعطيل المؤسسات الدستورية وتفتيت الإدارة العامة، حيث تتحمل هذه المنظومة السياسية مسؤولية أكبر كارثتين أصابتا الشعب اللبناني في تاريخه الحديث: ثالث أسوأ انفجار غير نووي في التاريخ دمر العاصمة بيروت وإحدى أسوأ الازمات الاقتصادية والاجتماعية في التاريخ الحديث. لذلك، فالمعركة اليوم تستوجب اذاً التلازم بين انتزاع العدالة لضحايا 4 آب واستكمال المواجهة السياسية مع النظام السياسي القائم.
ان الشعب اللبناني اليوم محكوم من سلطة تتماثل مع الاحتلالات التي عرفتها هذه البلاد، وأصبح اسقاط سلطة 4 آب هو المدخل الإلزامي لتحرير الشأن العام وإعادة بناء البلاد على أسس جديدة تعيد للبنانيين واللبنانيات حريتهم المسلوبة وتطلق مسار التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تستحقه الناس.
بناء عليه، تدعو "كلنا إرادة" للمشاركة في المسيرات التي ستنظم يوم الأربعاء 4 آب 2021 في بيروت، من أجل رفع مستوى الاعتراض السياسي واستكمال المواجهة مع النظام وادواته الممسكة بالسلطة.