يعاود سعر صرف الدولار الارتفاع ليلامس نهار الأربعاء في بضع ساعات حدود الـ 23 ألف ليرة للدولار الواحد بعد أن حاول المصرف المركزي على مدى ثلاث أشهر تثبيت الدولار عند حدّ الـ 20 ألف ليرة.
هذه السياسات العشوائية لم تفشل بفرض استقرار مُصطنع للعملة فحسب، بل أدّت إلى هدر نحو 300 إلى 500 مليون دولار شهريًا، أيّ نحو 1.37 مليار دولار منذ صدور التعميم 161 في كانون الأول 2021 الذي سمح للمصارف وشركات تحويل الأموال بالحصول على الدولارات النقدية على السعر الجديد لمنصّة صيرفة.
يساوي هذا المبلغ ما قد يقرضه صندوق النقد الدولي للبنان سنويًا (على مدى 4 سنوات) في حال التوصّل إلى اتفاق على برنامج معه.
بدلاً من هدر أكثر من مليار دولار، كان يمكن استخدام هذا المبلغ لتمويل استثمارات أساسية، مثل تأمين التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين، أو زيادة التغذية الكهربائية بنحو 1400 ميغاواط بالمقارنة مع عجز طاقوي يصل إلى نحو 2000 ميغاواط حالياً.
هذه السياسة المتهوّرة كلّفت المودعين كلّ مدّخراتهم تقريباً. فبدلاً من المضي بالإصلاحات الضرورية لمعالجة الأسباب الجذرية لانخفاض قيمة الليرة والاختلالات الاقتصادية والمالية، تستمرّ السلطة في طريق يرتّب تكاليف متزايدة على المجتمع اللبناني.
إن احتواء غضب الناس خلال الأسابيع المتبقية قبل إجراء الانتخابات النيابية المُزعمة بهدف تجديد شرعيّة السلطة الحاكمة هو التفسير الوحيد للإمعان في هذه الجريمة.