يجتمع مجلس النواب يوم غد الثلاثاء للتصويت على بعض مواد قانون السريّة المصرفيّة، على ضوء التعديلات التي أجرتها لجنة المال والموازنة عليه، بناءً على طلب رئيس الجمهوريّة بتعديلها، وذلك بعد أنّ رفض صندوق النقد الدولي النسخة السابقة منه. تدّعي لجنة المال والموازنة بأنّها أتمّت واجباتها كاملة واستجابت للتعديلات المطلوبة، لكن ما قامت به فعلياً هو النقيض تماماً. يتبيّن من جراء التدقيق في النسخة المصاغة أنّ هناك نيّة مبطّنة لاعتماد صياغات أكثر تعقيداً، تؤدّي في النهاية إلى تجذير السريّة المصرفيّة تحت شعارات رفعها، وبالتالي الحؤول دون أي محاسبة وتكريس نهج الإفلات من العقاب، كما وتهديد فرص لبنان في إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
إنّ رفع السرّية المصرفيّة شرط أساسي لا بل بديهي لـ:
مجدّداً، يجري التنصّل من موجب إلغاء السرية المصرفية عبر تفريغ القانون من مضمونه بموجب أساليب التعمية والتعتيم والتحريف ، لتكريس احتكار هيئة التحقيق الخاصة، التي يرأسها حاكم مصرف لبنان، لصلاحية رفع السرية المصرفية.
1- المطلوب هو تمكين النيابات العامّة وتعزيز دورها في إطار الاستقصاء عن المعلومات المتعلّقة بالجرائم.
تتجاهل لجنة المال والموازنة أيّ إشارة إلى هذا المطلب، والنتيجة:
2- المطلوب هو تمكين القضاء (نيابات عامّة وقضاة تحقيق) طلب المعلومات المصرفية من المصارف مباشرة من دون المرور بأيّ مرجع قضائيّ أو إداريّ آخر.
تتجاهل لجنة المال والموازنة أيّ إشارة إلى هذا المطلب أيضاً، والنتيجة:
3- المطلوب هو إضافة لجنة الرقابة على المصارف ومؤسّسة ضمان الودائع ومصرف لبنان إلى الجهات التي يحق لها طلب رفع السرّية والوصول إلى المعلومات المصرفيّة من دون الحاجة إلى وسيط أو حصر طلبها بالتحقيقات الجنائيّة.
لم تعطِ اللجنة صلاحية غير مُقيّدة لرفع السرية، بل ربطت رفع السرية المصرفية بإعادة هيكلة المصارف حصراً و جعل المعلومات المطلوبة عامّة وغير متصلة بحساب أو عميل معيّن. والنتيجة:
4- المطلوب هو ضمان حقّ الإدارة الضريبيّة بالوصول إلى المعلومات المصرفيّة لا لأغراض مكافحة التهرّب الضريبي فحسب، بل أيضاً للقيام بوظائف إداريّة.
تجاهلت اللجنة مرجعية السلطات الضريبية برفع السرية المصرفية، والنتيجة:
5- المطلوب هو التأكيد على تطبيق المعفول الرجعي على جميع الحسابات والقيود المصرفية السابقة.
لم تردّ اللجنة على مسألة تطبيق المفعول الرجعي بل أفتت باستثناء الموظفين العامين، ورؤساء الجمعيات السياسية، والمرشحين للانتخابات النيابية والبلدية والاختيارية من مبدأ عدم رجعية القوانين ، وهذا لزوم ما لا يلزم كون معظم هؤلاء مشمولين بأحكام القانون رقم 189 تاريخ 16/10/2020 (التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الاثراء غير المشروع) الذي نص على أن لا يخضع جرم الإثراء غير المشروع لمرور الزمن على الدعاوى العامة وعلى الدعاوى المدنية لمصادرة المال العام وإسترداده؛ والنتيجة:
6- المطلوب هو إلغاء عقوبة الحبس عن إفشاء السرية المصرفية والاكتفاء بالغرامة المالية.
أبقت اللجنة على عقوبة الحبس المُترتبة على جرم إفشاء الأسرار المصرفية وإن خفضت الحد الأقصى من سنة إلى 3 أشهر، والنتيجة:
الأساس ليس إصلاح السرية المصرفية فحسب بل إلغاؤها بالكامل لتكون ركيزة مرحلة جديدة من العدالة المبنية على الشفافية والنزاهة والمساءلة والمحاسبة.
الموقّعون (بحسب التسلسل الأبجدي):