انتشر للعلن مضمون التقرير التمهيدي الذي أعدّته شركة التدقيق الجنائي ألفاريز ومارسال مؤكداً صحة المعلومات المتداولة بشأن الخسائر الكبيرة التي تكبّدها مصرف لبنان، فضلاً عن نقص الحوكمة والرقابة في إدارته. يُسلط التقرير الضوء أيضاً على الأساليب غير المبرّرة المُتَّبعة في عمليات المحاسبة. ويعد هذا التقرير اليوم أحد أهم المراجع التي تلقي الضوء على بعض الجوانب المهمة حول الإدارة النقدية والمالية التي تولاها مصرف لبنان، على أنه لا ينبغي أن يُعَدَّ هذا التقرير نهائياً، بل ينبغي أن يكون دافعاً لمواصلة الجهود والتحقيقات للوصول إلى تحقيق شامل وشفاف.
وبتاريخ 22 أب 2023، طالعنا مدعي عام التمييز غسان عويدات بقرار يحيل فيه مطالعته بشأن التقرير الجنائي التمهيدي لشركة ألفاريز& مارسيل إلى كل من النيابة العامة المالية والنيابة العامة الاستئنافية في بيروت وهيئة التحقيق الخاصة "للتفضل بالاطلاع وإجراء التحقيقات اللازمة كل ضمن اختصاصه وصلاحياته واتخاذ ما يرونه مناسبا"، ما من شأنه تجزئة التقرير إلى ملفات عدّة لدى عدّة أجهزة قضائية.
بناء عليه، نود التشديد على النقاط التالية:
تجسد فكرة تجزئة التقرير إحدى الاستراتيجيات التي يلجأ إليها القضاء في بعض الحالات لطمس الحقيقة. تتمثل هذه الطريقة في تقسيم التقرير إلى أقسام متفرقة، مما يؤدي إلى تشتت الصلاحيات وتضاربها. وبالتالي، تكون الأجهزة المعنية مجبرة على التعامل مع جزء محدد فقط من المعلومات، وهو ما يقلل من تركيز التحقيق. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نواجه تكرارًا للإجراءات، مما يتيح للمتورطين تقديم دفوع إجرائية غير مجدية، مما يؤدي بلا شك إلى تباطؤ العملية التحقيقية واستمرارها لفترات طويلة. وهذا، في النهاية، ينعكس سلبًا على الجهود المبذولة لتحقيق الشفافية وتحديد المسؤوليات، ويعيق تحقيق أهداف المساءلة وإنهاء فترة الانفلات من العقاب.
وتتجاوز هذه الأمور حدودها بتسليم جزء من التقرير إلى النائب العام المالي، وهو الشخص الذي يرتبط بصورة مباشرة بمصرف لبنان لعقود عديدة، كما أنه عضو في هيئة التحقيق الخاصة التي بدورها تُسأل عن تقصيرها في أداء مهامها بخصوص هذا الملف وغيره. تكمن المشكلة هنا في أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعقيدات جديدة وتضارب مصالح، مما يهدد بنقص في مصداقية التحقيق وعدم تحقيق الحيادية والشفافية المطلوبة.
تبعا لما تقدّم، ان المطلوب في المرحلة الراهنة هو الضغط من أجل :
اليوم، وبالنظر الى خطورة وفداحة المعلومات الواردة في التقرير، ان أي تقاعس متعمد وإضافي في متابعة السير في التحقيقات واستكمال جمع البيانات والمعلومات يدخل في خانة الإهمال الجنائي من أجل إخفاء المعلومات وحماية المتورطين من المحاسبة والمحاكمة وحرمان المجتمع للبناني من معرفة حقيقة ما جرى في السنوات الثلاثين الأخيرة.
الموقعون:
الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC)
جمعيّة الشفافيّة الدوليّة - لبنان
كلّنا إرادة