في مؤشّرٍ
خطير على سعي السلطة السياسيّة للتضييق على مساحة حريّة التعبير، استُدعِيَ بالأمس
الأستاذ الجامعي والناشط السياسي مكرم رباح للمثول أمام دائرة التحقيق الأمني في
الأمن العام، بناءً على إشارة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي فادي
عقيقي. ومع رفض رباح تسليم هاتفه، طلب القاضي عقيقي الإبقاء عليه محتجزاً، قبل أن
يتمّ الإفراج عنه وتركه رهن التحقيق إلى الأسبوع المقبل.
تستنكر
كلنا إرادة ما يتعرّض له الناشطون والاعلاميون وتنظر
بعين القلق إلى تصاعد التضييق على حريّة الرأي والتعبير المصانة في الدستور وفي
المواثيق الدولية. لقد بات واضحاً أننا أمام توجّه ممنهج في قمع أيّ رأي
مخالف، وذلك من ضمن مسار متصاعد من اعتداءات
وحملات تحريضيّة على كلّ أصحاب
الرأي الحرّ. فالآراء والمواقف،
وبمعزل عن مضمونها، لا يُردّ عليها إلّا بالحوار والسجال وليس بالاستدعاءات أو
بالتوقيفات أمام الضابطة العدليّة أو المحكمة العسكريّة.
إن الدولة
اللبنانية مطالَبَة بضمان احترام دستورها والتزاماتها الدوليّة المتعلقة بالحريّات
العامة، ومن هنا ينبغي أن يترافق الضغط من أجل وقف هكذا ممارسات مع التحرّك الشعبي
والنيابي من أجل تعديل قانون المحكمة العسكرية وإلغاء محاكمة واستدعاء المدنيّين أمامها
بعد أن تحوّلت الى أداة قمعيّة بيد السلطة السياسيّة.
لذلك، تؤكّد
كلنا إرادة على تلازم معركة الحريّات العامة وعلى رأسها حريّة التعبير مع المواجهة
السياسيّة لاستعادة السيادة وكذلك الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فأي استهداف
لهذه الحريّات والحقوق يقضي على خصوصيّة لبنان برمّتها. إنّ الشعب اللبناني الذي
اعتاد على ممارسة حريّة التعبير عن الرأي في أصعب الظروف، هو قادرٌ أن يتصدّى مجدّداً لهكذا ممارسات قمعيّة وأن يمنع إعادة عقارب الساعة إلى
زمن الدولة البوليسيّة.