في انتهاك جديد للدستور ومبادئ
الديمقراطية والمحاسبة وتداول السلطات، أقرَّ مجلس النواب قانون تمديد للمجالس
البلدية والاختيارية للمرة الثالثة على التوالي. يأتي ذلك في ظل الشغور الرئاسي
الثالث، وتلكّؤ المجلس النيابي عن أداء دوره في انتخاب رئيس للجمهورية، ما يؤكد
أننا أمام توجه ثابت ومستمر ومقصود لضرب للمؤسسات الدستورية.
وعلى الرغم من إعلان وزير الداخلية جهوزية
الوزارة لإجراء الانتخابات، تذرّعت الكتل السياسية التي تملك الأغلبية النيابية
بالظروف الأمنية نتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان، بالإضافة إلى عدم الجهوزية
اللوجستية من أجل إقرار قانون التمديد في الوقت الذي تشير الأرقام الى أن حوالي 134
بلدية من أصل 1064 هي في حكم المنحلة اليوم.
فعلى بعد أقل من شهرين من الموعد المفترض
للانتخابات البلدية والاختيارية المحدّد قانونًا في شهر أيار من العام الحالي، كل
المؤشرات كانت توحي ان التمديد حتميّ في ظل غياب التحضيرات الجدية للانتخابات من
إجراءات إدارية واطلاق لحملات انتخابية من قبل القوى السياسية.
في هذا الإطار، تعرب كلنا إرادة عن تضامنها
الكامل مع أهالي الجنوب وسائر المناطق التي تتعرّض للاعتداءات الإسرائيلية، الأمر
الذي يستوجب أخذ هذه الظروف بعين الاعتبار عند التحضير للانتخابات كما جرى في
الانتخابات النيابية في الأعوام 1992 و1996 والانتخابات البلدية عام 1998 في زمن
الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وللبقاع الغربي. في المقابل، إن الحرب على الجنوب لا
يمكن أن تبرّر بأي شكل من الأشكال التمديد. على العكس من ذلك، إن التصرف بمسؤولية
يوجب التمسّك أكثر من أي وقت مضى بإجراء الانتخابات لما للبلديات من دور محوري في
مواجهة تداعيات النزوح، خاصة وأن السلطة المركزية قد أثبتت عجزها التام عن تأمين المستلزمات
الأساسية للنازحين والوقوف الى جانبهم.
إن إجراء الانتخابات البلدية
والاختيارية هو استحقاق دستوري وديمقراطي يوازي في أهميته الانتخابات النيابية وأي
تأجيل هو حتماّ انتهاك خطير للدستور لا سيما لحق الاقتراع ولمبدأ دورية الانتخابات.
لذلك، ندعو النواب إلى ممارسة واجبهم الدستوري في تقديم طعن أمام المجلس الدستوري
الذي تؤكد كل اجتهاداته منذ العام 1997 على عدم دستورية قوانين التمديد، آملين من
المجلس الدستوري أن يتحمّل مسؤوليته التاريخية ويتصدّى بشكل حازم للانتهاك المستمر
للدستور.