منذ بداية الأزمة المالية، يشهد لبنان مواجهة حادّة بين نهجين اثنين، نهج إصلاحي يقوم على محاولة الخروج من الأزمة ومحاسبة الفاسدين والمسؤولين عمّا وصلنا إليه، ونهج يسعى باستمرار للتهرّب من المسؤولية وتبديد الوقت وتحميل المواطنين تبعات السياسات الفاشلة.
ونتيجة لمواقفها الثابتة في المطالبة بتحديد المسؤوليات وكشف مرتكبي الجرائم المالية ومحاسبتهم وتحمّل المصارف مسؤوليتها في التعويض عن المودعين، تتعرّض كلنا إرادة لحملة غير مسبوقة تهدف إلى تشويه صورتها ودورها. يأتي هذا الهجوم في سياق نظريّات المؤامرة التي يسوّقها بعض أركان السلطة السياسية والمالية عبر حملات إعلاميّة منظمّة وأبواق متواطئة، والتي تهدف إلى عرقلة أيّ حلّ يتضمّن محاسبة المسؤولين عن الأزمة وذلك على حساب مصلحة المودعين والشعب اللبناني.
يهمّنا التأكيد أنّ الادّعاءات التي تتعرّض لها كلنا إرادة من بعض السياسيين والمصارف لا تستند إلى أي وقائع أو أسس علمية.
وفي هذا الإطار، تفاجأت "كلنا إرادة" بتوجيه رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان سيل من الادّعاءات والافتراءات بحقّها، متبنّياً بذلك مواقف بعض المصارف التي تحاول التهرّب من المحاسبة. وكنا نتوقّع من النائب عدوان أن يستند إلى حقائق في تصريحاته عن الأزمة المالية والحلول المقترحة لها، بدلاً من أن يلجأ إلى عناوين شعبويّة خادعة.
ومن موقعنا كمواطنين، يحقّ لنا أن نسائل المسؤولين السياسيين عن فشلهم في الوصول إلى حلول لإصلاح الوضع المالي وللتعويض عن المودعين.
فعلى الرأي العام أن يعلم أن شعار "قدسية الودائع" الذي يتلطّى خلفه كلّ من لا يريد إجراءات إصلاحية حقيقية، أعاد "صفر ودائع" للناس وسهّل السطو الممنهج والتدريجي منذ أربع سنوات على ودائع الناس.
ولا بد من التذكير أن أركان الطبقة السياسية قاموا بطريقة ممنهجة بإسقاط اقتراحات ومشاريع قوانين الإصلاح المالي، وعلى رأسها خطّة لازار التي كان من الممكن أن تردّ أكثر من 75% من الودائع وتحمي حوالي 98% من المودعين، بالإضافة إلى عرقلة صدور قانون الكابيتال كونترول في أوّل الأزمة، مما سهّل تهريب الودائع. كما يقوم البعض منهم اليوم بشيطنة توصيات صندوق النقد من دون تقديم أيّة حلول واقعية بديلة.
نهايةً، نؤكد
أننا مستمرّون بعزم بمعركتنا من أجل محاسبة المسؤولين عن الأزمة من صنّاع قرار في
الحكومات المتعاقبة ومسؤولين في القطاع العام والمصرف المركزي ومجالس إدارة
المصارف ومدرائها التنفيذيين والمدققين، فضلاً عن السلك القضائي والأجهزة الرقابية
المتقاعسة، وأعضاء المجلس النيابي غير المستثنين من المسؤولية السياسية عن الأزمة.
مستمرّون كذلك في المعركة من أجل حماية حقيقية وصادقة لمصالح المودعين وسائر
المواطنين.