لوقف العدوان والعودة النهائية الى الدولة

٤ تشرين الأول ٢٠٢٤   |   سيادة القانون والحوكمة الرشيدة   |   سيادة القانون   |   ورقة الموقف العودة النهائية الى الدولةْ

لبنان اليوم في مواجهة عدوان إسرائيلي غير مسبوق، وسط تخاذل أممي وعجز داخلي ومصادرة تامّة لقرار الدولة، ممّا ترك اللبنانيين لمصيرهم في مشهد مأساوي يتكرّر منذ عقود. تدين كلنا إرادة الاعتداءات التي يلجأ إليها العدو الإسرائيلي، من توغّل داخل الأراضي اللبنانية وتصعيد دموي واغتيالات واستهداف للمدنيين، والتي تشكّل تعدياً صارخاً على السيادة اللبنانية، وانتهاكاً للقانون الدولي الانساني والقرارات الدولية. أمام هول الأحداث، تحتّم علينا المسؤولية الوطنية العمل لتجاوز مخاطر هذه المرحلة بما يجنّب اللبنانيين المزيد من القتل والدمار ويحصّن المجتمع ويحمي لبنان في مواجهة صراعات إقليمية ترسي موازين قوى جديدة في المنطقة.


لبنان يدفع ثمن تغييب الدولة والسياسة

يدفع لبنان ثمن مصادرة قراره في الخيارات الاستراتيجية مما تركه دون قدرة حقيقية على حماية مصالحه الوطنية. فإذا كان الخطر الإسرائيلي عاد ليفرض نفسه مجدّداً على الساحة اللبنانية، غير أن التصدّي له لا يعني الاستسلام للخيارات العسكرية الأحاديّة التي فرضها حزب الله على اللبنانيين من خارج أطر المؤسسات الديمقراطية، والتي لا يملك لبنان القدرة على تحمّلها. ومن هنا، تقتضي المسؤولية الوطنية التوجّه ومن دون لبس أو تردّد، وبصورة نهائية، نحو إنتاج خيارات لبنانية من داخل المؤسسات الدستورية تصون أمن اللبنانيين وتضمن استقرار لبنان.


وقف الحرب أولوية تتقدّم على كل ما عداها

ان حماية اللبنانيين من المخاطر الداهمة تشكّل الأولوية القصوى التي تتقدّم على أي اعتبارات أخرى. وفي هذا السياق، ان تحقيق المصلحة الوطنية يتطلّب التوصّل إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان، وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته، والعودة الى اتفاقية الهدنة. إن هذا الأمر لا يمكن أن يتمّ دون أن تستعيد الدبلوماسية اللبنانية زمام المبادرة، وتتحرّك بحسب الموقف الرسمي للدولة اللبنانية، لجهة المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وتطبيق القرار 1701 ونشر الجيش اللبناني على كافة الاراضي اللبنانية.

بالتوازي مع هذه الجهود والمساعي، من الملحّ إدارة أزمة النزوح المستجدّة، كما وضمان شروط العودة المستدامة لأهالي القرى والمدن المهجّرة الذين يعيشون واقعاً مأساوياً يستحيل استمراره لفترة ممتدة.

وفي هذا السياق، للمجتمع الدولي مسؤولية تاريخية وسياسية تجاه لبنان والمنطقة. إن استمرار الصراع في لبنان وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية يفرضان على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عملية وفورية للضغط على إسرائيل لوقف العدوان الهمجي وضمان احترام القانون الدولي الإنساني. الاكتفاء بالتنديد اللفظي لم يعد كافياً، ولا المبادرات الناقصة، بل يجب على القوى المؤثرة في الساحة الدولية فرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وممارسة ضغط دبلوماسي مباشر لوقف الانتهاكات. كما لا بد أن يترجم الدعم للدولة اللبنانية بمزيد من التسليح والدعم الجدّي للجيش والقوى الأمنية كي تتمكّن من القيام بدورها في حماية لبنان وأراضيه والتصدّي لأي اعتداء خارجي.


العودة النهائية الى الدولةْ

أن الدولة هي الجهة الوحيدة القادرة على حماية المواطنين، والعودة اليها هو السبيل الوحيد لحماية المجتمع والنهوض بالبلاد. وعليه، لا بدّ من إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية وذلك بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على الدفاع عن مصالح لبنان داخلياً وخارجياً وإطلاق مسار تعافي سياسي واقتصادي. قوام هذا المسار إعادة إحياء الدستور وتطبيق اتفاق الطائف. أما أولوياته،  فتفعيل الحياة الديمقراطية وترميم الانقسام المجتمعي من خلالها، وإعادة الاعتبار للسياسة الخارجية، وإعادة تموضع للبنان تعيد دوره في محيطه العربي، وتحيّده عن صراعات المنطقة. كما إطلاق ورشة اصلاحية تؤمّن للبنانيين حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية بالتساوي على قاعدة المواطنة.

وحده العمل السياسي من خلال الدولة ومؤسساتها، والمنطلق من المسؤولية الوطنية، والمستند إلى مصلحة لبنان، هو السبيل لإعادة صياغة حدّ أدنى من الاتحاد الوطني يسمح بطيّ شبح الحروب المستمرة والتفكير بمستقبل مشترك للبنانيين.

سيادة القانون

لبنان اليوم في مواجهة عدوان إسرائيلي غير مسبوق، وسط تخاذل أممي وعجز داخلي ومصادرة تامّة لقرار الدولة، ممّا ترك اللبنانين لمصيرهم في مشهد مأساوي يتكرّر منذ عقود

إنضم إلى قائمتنا البريدية