جلسة نقاس حول أي سياسة خارجية لحماية مصلحة لبنان في ظل المشهد الإقليمي؟

١ آذار ٢٠٢٤ جلسة نقاس حول   أي سياسة خارجية لحماية مصلحة لبنان في ظل المشهد الإقليمي؟

تأتي جلسة النقاش هذه في الوقت الذي يواجه الشرق الأوسط منعطفاً سياسياً كبيراً مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة التي أعقبت عملية السابع من تشرين الأول والتصعيد العسكري الإقليمي الخطير. وفي ظل غياب أي تصور سياسي للتعامل مع الأزمة، يستمر التصعيد في لبنان وكذلك ارتكاب الجرائم الإسرائيلية في فلسطين ولبنان، الأمر الذي يزيد من مخاطر الانزلاق نحو الحرب المفتوحة التي لا يتوقف قادة إسرائيل عن التهديد بها


بالتوازي، لقد أظهرت الأحداث الحالية حجم الانكشاف السياسي داخلياً في ظل تفكّك الدولة والاستقالة الطوعية للسلطة السياسية من دورها. فلا أسس واضحة للسياسة الخارجية اللبنانية ولا تحرّك ديبلوماسي لضمان أمن وسلامة اللبنانيين والدفاع عن المصلحة الوطنية. علمًا بأن هذا الغياب الكلّي للدولة لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لسيطرة حزب الله على القرار السياسي الاستراتيجي، باعتراف رئيس الحكومة، لصالح دوره الإقليمي وتحالفاته، الأمر الذي يشكّل امتدادًا لعقود من الحروب بالوساطة، جعلت لبنان أسيرًا للمصالح الإقليمية على حساب مصلحته الوطنية


يطرح هذا الواقع تحديات جدّية حول المقاربة التي يتوجّب اعتمادها للتعامل مع الجرائم والتهديدات الإسرائيلية من جهة، ومن جهة أخرى تحديد موقع لبنان في الترتيبات السياسية لمرحلة ما بعد الحرب، وتأثير السيناريوات المحتملة على الوضع الداخلي. وقد تمحور النقاش حول الأولويات التي يجب التحرّك بشأنها في السياسة الخارجيَّة لتأمين المصلحة الوطنية، والخيارات الدبلوماسية المتاحة لضمان أمن وسلامة اللبنانيين


في بداية الجلسة التي أدارتها الصحافية ديانا مقلد، تحدّث رئيس مجلس إدارة "كلنا إرادة" والأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية د. كريم بيطار عن السياسة الخارجيَّة اللبنانية وإشكالياتها. فأكّد ضرورة العمل من أجل استعادة الدولة والمؤسسات ورفض الانقلاب على الدستور. وأشار إلى ضرورة تحييد لبنان عن لعبة المحاور ورفض غياب الدولة لمواجهة التحديات وأوّلها الخطر الإسرائيلي، مشدّداً على أهمية تفعيل الدبلوماسية اللبنانية في مجالات العلاقات الثقافية والاقتصادية، أي القوى الناعمة للمجتمع اللبناني وذلك بالاستفادة من الطاقات في الداخل اللبناني وفي الاغتراب


ثم تحدّث وزير خارجية لبنان السابق والأستاذ الجامعي د. ناصيف حتي عن محدّدات المصلحة الوطنية في السياسة الخارجيَّة. ودعا إلى تحديد أولويات وطنيَّة في السياسة الخارجيَّة بناءً على تفاهم داخلي شامل. وشدد على أهمية تعزيز الدبلوماسية اللبنانية لتحقيق المصالح الوطنية

 

وتخلّلت الجلسة كذلك مداخلة مسجّلة للرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن وعضو "كلنا إرادة" د.بول سالم عن ترتيبات المشهد الإقليمي في مرحلة ما بعد الحرب وموقع لبنان فيها. إذ اعتبر أن وجود السياسة الخارجية يستوجب وجود دولة وسيادة ومؤسسات، في حين أن كل هذه العناصر غائبة مع تمسّك كل طرف داخلي بسياساته الخارجية ما يعكس بالتالي انهيار الدولة. وختم بالقول: "نحن بحاجة الى إعطاء أولوية لمصلحة لبنان ولوضعنا الاقتصادي ما يعني علاقات قريبة مع الدول العربية وعلاقة ندّيّة مع ايران وانفتاح على العالم الغربي


كما تحدّث الأكاديمي والباحث في السياسات العامة د. أنطوان حداد عن تأثير السيناريوهات المحتملة على المشهد السياسي الداخلي وتوازناته. فأشار إلى أن الأولوية القصوى للبنان واللبنانيين في هذه المرحلة هي منع توسع الحرب وتحوّلها إلى حرب مفتوحة. واعتبر أنه بالتزامن مع ذلك يجب التصدّي لمحاولة إدراج هذا المسعى في إطار صفقة تبادل تتعلق بتكوين السلطة في لبنان، إذ أن مثل هذا التوجه قد يبعد كأس الحرب والدمار لفترة لكنه يبقي لبنان في خانة المراوحة والتخبط والانهيار لسنوات عدة إضافية

ومن ثم تم فتح باب النقاش لمداخلات المشاركين التي ركّزت بمجملها على تحليل الواقع الحالي للسياسة الخارجية بصفته نتيجة لمسار طويل من تهميش متعمّد للدولة في ظل هيمنة حزب الله على القرار الاستراتيجي، وكيفية التعامل مع التهديدات الإسرائيلية من أجل منع توسع الحرب وتحوّلها الى حرب مفتوحة، وكذلك دور المعارضة السياسية في المساهمة في التحرك دولياً دفاعاً عن مصلحة لبنان واستقراره.

إنضم إلى قائمتنا البريدية