بيان مشترك صادر عن هيئة الإشراف المُستقلة لإطار الإصلاح، والتعافي، وإعادة الإعمار
٧ أيلول ٢٠٢١
في سياق إطار الإصلاح، والتعافي، وإعادة الإعمار الذي أنشأه المجتمع الدولي بهدف دعم لبنان بعد إنفجار بيروت، وبعد شهرٍ واحدٍ على الاجتماع الثّاني للمجموعة الاستشارية، أكّدت عدّة أحداث عدم جديّة المسؤولين اللّبنانيين في النهوض بالإصلاحات وتعزيز الشفافيّة.
يُحمّل أعضاء هيئة الإشراف المُستقلة المسؤولين الرسميين مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة، وما يترتّب على ذلك من عدم تحمل المسؤولية في أداء المهام التي تقع ضمن نطاقها في ظل الانهيار الحاصل في البلد. ومن الأمثلة على ذلك الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد؛ اذ لم تجتمع حكومة تصريف الاعمال بعد للوفاء بالالتزام القانوني المترتب عليها لناحية تعيين اعضاء الهيئة الذي كان متوجبا منذ عام في 14 أيلول / سبتمبر 2020. وتجدد هيئة الإشراف المُستقلة دعوتها إلى تشكيل حكومة ذات مؤهلات كافية، قادرة على استعادة سيادة القانون، اذ أنّ حالة الجمود الحكومي تزيد من تفاقم الضرر الواقع اصلا.
ان تكلفة تقاعس الحكومة أدى الى تفاقم الازمات الذي قدر البنك الدولي إطارها الزمني للتعافي بمدّة 19 عامًا، كما أدت الى تضاعف معدّل البطالة بثلاث مرّات بدءًا من العام 2018 بنسبة 40%، وفقدان القدرة الشرائية بنسبة 88% في العام 2018، وانخفاض الحد الأدنى للأجور إلى تسعة أضعاف. مما يتعيّن على اي حكومة ستتشكل مسؤولية إقرار ميزانية تتضمن خطة مالية كلية شاملة تعمل على استقرار الاقتصاد ووضعه على مسار التعافي.
على مستوى الاصلاحات المُلتزم بها، تدعو هيئة الإشراف المستقلة مجلس النواب والحكومة اللبنانية إلى تنفيذ الاصلاحات والقوانين المطلوبة لإطلاق عجلة المساعدات الضرورية. إن قانون المشتريات العامة رقم 224/2021 هو قانون حديث كان موضع اهتمام نظرا الى أنه من أهم الإصلاحات البنيوية اللازمة لتطوير الحوكمة المالية، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد. ان 4 مواد من هذا القانون قد تم الطعن بها امام المجلس الدستوري وهي تتعلق بالتدريب، الشكاوى والعائدات، تعيين رئيس سلطة المشتريات العامة، وآلية تعيين أعضاء هيئات المشتريات العامة والهيئات المرجعية. في حال تم قبول الطعن من المجلس الدستوري - كما حصل سابقا في قضية تعيينات الفئة الاولى من الموظفين العموميين - وتحديدا في المواد المتعلقة بدورة حوكمة الشراء العام، فان المجلس النيابي مطالب فورا بمراجعة القانون وادخال المواد اللازمة التي تحصن عدم تشويه اي من الاصلاحات الاساسية التي قد تجعله غير قابل للتطبيق، او تؤخر تطبيقه. ان هيئة الاشراف المستقلة تدين اية محاولات لاعاقة تطوير القوانين وتقدمها.
على مستوى تنفيذ قانون الوصول إلى المعلومات، تنظر هيئة الإشراف المستقلة بإيجابية إلى مبادرة "المرصد الوطني" الجديدة التي أطلقتها رئاسة مجلس الوزراء والتي تهدف إلى تعزيز الشفافية والوصول الى المعلومات. وبناءً على ذلك، تدعو هيئة الإشراف الحكومة اللبنانية إلى استكمال المبادرة بتعيين موظفي المعلومات في جميع الإدارات العامة. وتدعو الهيئة إلى تنفيذ قانون الحق في الوصول إلى المعلومات (28/2017) بشكلٍ كاملٍ، وإلى إدخال التعديلات اللازمة سواء في المرسوم أو القانون للحد من استثناءات حجب المعلومات عند مراجعتها لطلبات الحصول على المعلومات عبر تطبيق مبدأ "الضرر مقابل المصلحة العامة". وتطالب هيئة الإشراف المستقلة الإدارات العامة البدء بتطبيق النشر التلقائي للمعلومات. على الرغم من الدعوات العلنية التي حثّت وزارة الطاقة والمياه على نشر العقد المبرم بين لبنان والعراق لاستيراد الوقود لمؤسسة كهرباء لبنان، والآلية المعتمدة لذلك، إضافة إلى وثائق المناقصات التي أدت إلى فوز شركة إينوك "ENOC" بعقد المقايضة العراقية، لم تستجب وزارة الطاقة والمياه لتلك الدعوات. إن تنفيذ القانون رقم (462/2002) أصبح يشكل أهمية بالغة بدءًا بإنشاء هيئة ناظمة للكهرباء، وتحديد طريقة عملها. ومن شأن هذه الخطوة أن تتيح للدولة اللبنانية، التي هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن وضع السياسات والأنظمة اللازمة المتعلقة بقطاع الطاقة، أن تضطلع بدورٍ أكثر فعالية في تأمين هذا الحق.
لقد تمّ إطلاق منحة B5، وهي حجر اساس في اطار خطة الإصلاح، والتعافي، وإعادة الإعمار 3RF، بقيمة 25 مليون دولار أمريكي وستتولى "كفالات" ادارتها. وتتطلع هيئة الإشراف المستقلة الى دور استباقي لها لضمان الشفافية، والإنصاف، والمساءلة في تخصيص موارد هذا البرنامج.
تطالب هيئة الإشراف المستقلة بإشراك المجتمع المدني بفعالية في حلقات اتخاذ القرار بشأن إنفاق مخصصات حقوق السحب الخاصة القادمة إلى لبنان، نظراً لعدم توفّر رؤية وطنية تحدد الإنفاق الاستراتيجي للأموال. ان تحقيق مزيد من الشفافية في ما يتعلق بالإنفاق يتطلب ايجاد آليات مناسبة تتيح للمجتمع المدني أن يؤثر على قرارات استخدام الأموال ورصد انفاقها.
وفي ما يخص المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي (ESSN)، ترحّب هيئة الإشراف المستقلة بالتصريح الذي طال انتظاره من قبل وزارة المالية لصرف مدفوعات المساعدة النقدية بالدولار. وتحذر الهيئة من تكلفة تأخير البرلمان في الوفاء بالشروط المتبقية للصرف الفعلي للمدفوعات في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة، وتحذّر من عدم استخدام المعايير الفضلى لاختيار المستفيدين.
تشكل الانتخابات البرلمانية أساس التحول الديمقراطي الذي يتطلع إليه المواطنون اللبنانيون، وينبغي على الأطراف السياسية الفاعلة أن تضمن اجراء الانتخابات في وقتها وان تكون عملية الانتخابات شفافة وشاملة. لدى هيئة الإشراف المستقلة اعتقاد راسخ أنه ينبغي تكليف هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات، سواء كانت تشريعية أو بلدية. ولكن بما أن قوانين الانتخابات الحالية لا تنصّ على ذلك، وتفوض الإشراف على الانتخابات لهيئة مشرفة، تطالب هيئة الاشراف المستقلة بصورة ملحّة بتشكيل هيئة إشراف جديدة للانتخابات المقبلة وفقاً للقانون رقم (44/2018)، وذلك قبل تشرين الأول / أكتوبر 2021 من خلال عملية شفافة ونزيهة.
تشيد هيئة الإشراف المستقلة بجهود القاضي طارق البيطار في السعي إلى تحقيق العدالة في قضية انفجار مرفأ بيروت. وتدعو الهيئة البرلمان اللبناني ومجلس الدفاع الأعلى، والوزارات المعنية، إلى احترام الإجراءات القانونية الواجبة ورفع الحصانات فورًا عن الأفراد المعنيين.
تجدد هيئة الإشراف المستقلة التأكيد على الحاجة الملحة إلى تشكيل حكومة قادرة على اكتساب ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي في إدارة الأزمات العديدة وحلها.
في حين يواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية ونقدية ومالية ومصرفية واجتماعية، تسعى منظمة "كلنا إرادة" إلى تعزيز التطور السريع لخطة إنقاذ على أساس مبادئ العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية.