كي لا تقتل الحملات
المشبوهة "الدولة"
بهدف تكريس إفلاتهم من المحاسبة وخداع المواطنين
عشية التعيينات المالية والإدارية والقضائية وعلى مقربة من الانتخابات البلدية
والنيابية، يقود بعض المصرفيين والنافذين الذين يدورون في فلكهم، حملةً ممنهجة
تسعى إلى قلب السرديات، وتزييف الحقائق، وإغراق الرأي العام بالأخبار المضلّلة
وبنظريات المؤامرة. وتموّل هذه الجهات، أدوات إعلامية للتشهير ولترهيب صحافيين
استقصائيّين ووسائل إعلامية مستقلّة ومنظمات إصلاحية. هذه الحملات التي يرقى بعضها
إلى حد الاغتيال المعنوي، تهدف إلى حماية المجرمين المتورّطين في جريمة العصر المالية:
انهيار لبنان المالي.
تبعًا لهذه التطوّرات، اجتمعنا لنؤكّد رفضنا لهذه
المحاولات المكشوفة ولنحذّر من تداعياتها الخطيرة على حرية الإعلام وحق الصحافيين
في الوصول إلى المعلومات ونشرها وحق اللبنانيين في معرفة الحقيقة. أمام هذا
الواقع، نؤكد الآتي:
أوّلًا، خطر
المال السياسي على الإعلام في غياب أي رقابة من الدولة
يشكّل المال السياسي والمصرفي خطرًا متزايدًا على
الإعلام في لبنان، حيث تتحوّل بعض الأدوات الإعلامية إلى أدوات بروباغندا تبثّ
الأكاذيب وتروّج لروايات ملفّقة بهدف تضليل الرأي العام وتزييف الحقائق على نحو
يتعارض تمامًا مع الأصول المهنية ويكاد يتحوّل في بعض الحالات إلى ما يشبه
الاغتيال المعنوي؛ وكل ذلك في غياب أي دور للمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع
الذي يتحمّل المسؤولية الأولى في مراقبة أداء هذه الوسائل ومنع تعسّفها في استخدام
امتياز الترخيص لها. ونذكر هنا أنّ مجلس شورى الدولة اعتبر في قراره الصادر في 5/12/2024
الدولة مسؤولة عن تقاعسها في ممارسة مسؤوليتها في هذا الخصوص وأنّ ولاية أعضاء
المجلس الوطني للإعلام انتهت منذ 2008 من دون أن يعيّن بدائل عنهم.
ثانيًا،
التحذير من مغبّة الضغط الإعلامي على القضاء في اتجاه تحويله إلى أداة قمعية
مع التسليم بحقّ التقاضي واللجوء إلى القضاء الذي
يكون مخوّلًا ردع التجنّي والتعسّف، فإنّ ما يدهشنا هو تحوّل الإخبارات والشكاوى ضدّ القوى الإصلاحية
ووسائل الإعلام البديلة إلى جزء لا يتجزّأ من الحملات والتحريض الإعلاميَيْن ضدّ
هؤلاء، كل ذلك في أجواء اعتادت بعض وسائل الإعلام المموّلة من مافيات المصارف
التنمّر والتهجّم على أيّ قاض أو قاضية على خلفية اتخاذ أي قرار لا يرضيها.
وإذ أدى الشطط الإعلامي المدفوع من هذه المافيات
دوره في التشويش على الجهات القضائية وقدرتها في محاسبة المخالفات المالية بدرجة
كبيرة، فإنّ أكثر ما نخشاه اليوم مع رواج هذه الإخبارات والشكاوى والترويج لها أن
تنتقل هذه المافيات من الدفاع إلى الهجوم في اتجاه تحويل القضاء من قضاء يحاسب إلى
أداة قمعية لفرض سرديّتها وقمع أي معارض لها.
ثالثًا،
الهجوم المركّز على القوى الإصلاحية إنّما يستهدف سيادة الدولة أخيرًا،
نؤكّد أنّ الحملات المركّزة على القوى الإصلاحية
إنّما تهدف عمليًّا إلى تجريد المجتمع من وسائل التغيير والإصلاح وعمليًّا إلى
إبقاء الدولة على حالها فريسة لمافيات مهيمنة ومجرّدة من أي سيادة. وإذ تعكس هذه
الحملات بوضوح كلّي موقف هذه المافيات حيال الدولة وتصوّراتها لها، فإنّ على ممثلي
الدولة أن يتعاملوا مع هذه الحملات بالوضوح نفسه أي على أنّها هجوم يستهدفها
أوّلًا وأن يكشفوا للرأي العام حقيقة ما تخفيه. فالهجوم الواضح والمركّز على
الدولة لا يواجه بخجل ولا بأنصاف الكلمات بل يواجه بالوضوح نفسه وبكل ما أمكن من قوّة.
بناءً على
ذلك، نعلن الآتي:
1. نطالب السلطات السياسية وفي مقدّمتها رئيسي الجمهورية والحكومة
بالإضافة إلى وزير الإعلام، بالتصدّي لهذه
الحملات المشبوهة، ليس فقط على أنّها حملات تستهدف حقوق مواطنيها وحرّياتهم، بل على أنّها هجمات تستهدف قبل كلّ شيء
وفي الصميم فرص إصلاح الدولة وترسيخ سيادتها، مع ما يستتبع ذلك من مصارحة للرأي
العام بكل شفافية وتفعيل لدورها في مراقبة الوسائل الإعلامية كافة،
2. كما نطالب السلطات العامّة إنجاز
الإصلاحات المؤسساتية الموعودة في مجال تنظيم وسائل الإعلام والقضاء، تمهيدًا
لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المالية والأهم وتفكيك شبكات
المصالح المتضاربة وصولًا إلى إعادة الحقوق للفئات التي تعرّضت
لأكبر نهب في تاريخنا الحديث،
3. نطالب النيابة العامّة التمييزية وسائر النيابات العامّة والهيئات القضائية بمواجهة النهج الذي يحاول بعض المصرفيين
والنافذين الذين يدورون في فلكهم فرضه، عبر رفض الاستدعاءات الأمنية والقضائية المسيّسة، والتحرّك بشكل جاد لمحاكمة المتورّطين في الجرائم المالية.
ونحن على ثقة في أنّ الشعب اللبناني أكثر وعيًا من أن ينساق وراء حملات التضليل والتشويش، وهذه المحاولات الترهيبية لن تثنينا بأية حال عن معركتنا المستمرّة لتحقيق العدالة وكشف المسؤولين عن الجرائم المالية والأهم بناء الدولة القادرة والعادلة.
الجهات الموقّعة:
النوّاب:
● إبراهيم منيمنة
● بولا يعقوبيان
● مارك ضو
● ملحم خلف
● ياسين ياسين
● فراس حمدان
● شربل مسعد
● نجاة صليبا
● ميشال الدويهي
● حليمة القعقور
...