ائتلاف استقلال القضاء: الادعاء على محتجّي طرابلس بالإرهاب
٢٣ شباط ٢٠٢١
اتخذ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، أمس قرارا بإلإدعاء بحقّ 35 شخصا من ضمنهم 18 موقوفاً على الأقل وقاصرين إثنين، بتشكيل جمعيات لارتكاب أعمال إرهابية وسرقة الأملاك العامة. وقد صدر الادّعاء على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة طرابلس في نهاية شهر كانون الثاني 2021 إعتراضاً على قرار الإقفال العام لمواجهة انتشار وباء كوفيد-19 من دون وضع أيّ خطّة لدعم الأشخاص الذين فقدوا مداخيلهم من جرائه. وهو ادّعاء أضيف إلى ادّعاء سابق صدر بحق نفس الأشخاص بمجموعة من الجرائم الأخرى، لا سيما محاولة القتل ومعاملة قوى الأمن بالشدة، بالإضافة الى جرائم لا تدخل ضمن إختصاص القضاء العسكري كإضرام النار وتظاهرات الشغب وأعمال التخريب وتشكيل عصابات.
وتعليقا على هذا القرار، يهمّنا توضيح الآتي:
- إن توجيه النيابة العامة العسكرية تهمة الإرهاب بالجملة ومن دون أي تفرقة لمجموعة من الأشخاص أوقفوا خلال تظاهرات شعبية أو على خلفيتها يشكّل مساً خطيراً بحرية التظاهر الدستورية، بمعزل عما تخلل هذه التظاهرات من أعمال شغب. وهو يعكس تطوّرا خطيرا في مستوى القمع الذي تمارسه السلطة ضدّ الاحتجاجات الاجتماعية، وهو تطور يقرّب لبنان من الدول التوتاليتارية في المنطقة، حيث بات الإرهاب تهمة جاهزة لوصم مختلف أشكال المعارضة،
- إن عنف السلطة الحاكمة ضد احتجاجات المدينة الأكثر فقرا في لبنان، وعلى شفير رفع الدعم عن المواد الأساسية، يستشف منه أنها تتهيأ لمعالجة الفقر بالعنف. وما يزيد من خطورة هذا العنف، أنه يأتي في سياق خطاب سياسي وإعلامي يسعى إلى تنميط مدينة طرابلس، بالإرهاب، في ما يشبه العقوبة الجماعية ضد مجموع أبنائها وأحيائها،
- إن السلطة تؤكد مرة أخرى على ما درجت عليه لجهة استخدام المحكمة العسكرية كأداة قمع، وهي محكمة استثنائية لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة ومن المجحف أن يحاكم أي مدني أمامها،
- فضلا عن ذلك، يسجل أن النيابة العامة العسكرية تعمّدت حرمان الموقوفين في هذه القضية من حقوق الدفاع في مخالفة صريحة للمادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية. كما أنها امتنعت لغاية الآن عن إجراء أي تحقيقات جديّة بمقتل المتظاهر عمر فاروق طيبا برصاص القوى الأمنية في 27 كانون الثاني 2021، بعدما كانت قررت حفظ الملف في قضية مقتل فوّاز فؤاد السمّان برصاص الجيش خلال التظاهرات في طرابلس في نيسان 2020. وهي ما تزال علاوة على ذلك تتقاعس بالتحقيق جدياً في إصابة العشرات من المتظاهرين في بيروت في 8 آب 2020 بالخردق والرصاص الحي من قبل شرطة مجلس النوّاب.
انطلاقا من كل ما تقدم، جئنا نعلن ونطلب الآتي:
- نتضامن مع كل المحتجّين المعترضين على تردّي الأوضاع المعيشية في جميع المناطق اللبنانية، وبخاصة في طرابلس، وننبّه حيال أيّ مسعى لوصم هذه المدينة بالإرهاب،
- نناشد قضاء التحقيق الناظر في الادعاء مواجهة تعسّف النيابة العامة بمنع المحاكمة في جرائم الإرهاب وفي مجمل الجرائم التي تخرج عن صلاحية القضاء العسكري بحق المحتجّين في طرابلس وإخلاء سبيلهم فور استجوابهم، وبخاصة في ظل الأوضاع الصحية الحاضرة والتي تفرض الحدّ من اللجوء إلى التوقيف الاحتياطي والتخفيف من اكتظاظ أماكن الاحتجاز،
- نطالب النيابات العامة المختصة بتحريك الدعوى العامة في شكاوى مقتل وإصابة المتظاهرين، التزاما بحقوق المواطنين بالحياة والسلامة الشخصية،
- ندين استمرار محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري والذي تتعارض صلاحياته الواسعة وأذرعته الطويلة مع مبادئ المحاكمة العادلة ومن ضمنها مبدأ عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري،
- إننا آتون على كارثة اجتماعية تسببت بها الجهات الحاكمة فاحشة الثراء والنفوذ. أقلّ ما ينتظر من القضاء العادل في زمن كهذا الإسراع في محاكمة الذين أثروا على حساب الناس بهدف استرداد ثرواتنا الضائعة، بدل الإمعان في إذلال الفئات الأقل حظا وتعميق قهرها. فالأمن الاجتماعي ينى بالعدل وليس بتعميق القهر.
تحميل الملف
ائتلاف "استقلال القضاء"
يهدف الائتلاف الذي يضمّ مجموعات سياسية ديمقراطية وأحزاباً وحركات ومنظمات حقوقية ومنظمات غير حكومية فاعلة، إلى تأمين استقلالية المؤسّسات القضائية وحيادها في إطار تفعيل دورها كحامية للصالح العام، مؤتمنة على إحقاق العدالة والمساواة وضامنة للحقوق والحرّيات الأساسية.