على أبواب الذكرى السنوية الثانية لجريمة تفجير مرفأ بيروت، ما زالت العدالة مغيَّبة والتحقيق متوقفاً منذ أكثر من سبعة أشهر بفعل سعي السلطة الى التنصل من المسؤولية السياسية والجنائية ومنع صدور القرار الظني وبدء المحاكمة.
ان جريمة 4 آب هي التكثيف الدموي لفساد السلطة وإجرامها وعدم اكتراثها بالحد الأدنى من حقوق اللبنانيين في العيش بأمان وتأمين حقوقهم الأساسية. هذه السلطة التي ارتكبت جريمة المرفأ، هي نفسها التي أدارت الدولة طوال 30 عاماً وأوصلتنا إلى الانهيار، وكرست سطوتها على المجتمع ككل.
إن تعاطي السلطات السياسية والأمنية والقضائية والإدارية مع أخطر انفجار غير نووي منذ الحرب العالمية الثانية، والتمادي في محاولة الإفلات من العقاب، يعبّر عن نوايا جرمية بحق شعب بأكمله. فالمسؤولون الذين كانوا يعلمون بالأمس بدخول الشحنة وبقائها وبالتخزين النترات بطريقة غير آمنة في العنبر رقم 12، هم أنفسهم اليوم الذين يعرقلون مسار التحقيق، ويتصدّون لحق أهالي الضحايا وكل اللبنانيين واللبنانيات في الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.
ففي تدخل مباشر في عمل السلطة القضائية، وفي ضرب محكم لمبدأ فصل السلطات، ما زال التحقيق متوّقفاً فعلياً منذ 23 كانون الأول 2021، بفعل طلبات الرد والمخاصمة والارتياب المقدمة من قبل الرئيس حسان دياب وكل من الوزراء غازي زعيتر وعلي حسن خليل ويوسف فنيانوس ونهاد المشنوق، والتي أثقلت التحقيق ومنعت استمرار القاضي طارق بيطار في عمله، وكان آخرها الطلب المقدم من كل من غازي زعيتر وعلي حسن خليل إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، مع علمهما المسبق بتعثر انعقادها بفعل شغور عدد من المقاعد، في ظل امتناع وزير المال يوسف الخليل عن توقيع المرسوم بأمر سياسي واضح لعرقلة التحقيق ومنع تشكيل الهيئة العامة حماية للمدعى عليهم ومنع ملاحقتهم أمام القضاء.
كما وانضمّ عضو مجلس القضاء الأعلى، القاضي حبيب مزهر المحسوب سياسياً على ثنائي حزب الله وحركة أمل، إلى أدوات عرقلة التحقيق من خلال تجاوز صلاحياته لكفّ يد القاضي طارق البيطار، في خطوة تزويرية صادرة عن مرجع قضائي وقد تمّ تقديم شكوى بحقه أمام التفتيش القضائي من دون أن يصدر عن الأخير أي رأي فيها.
وقد سبق ذلك، التهديدات التي وجهتها قوى المنظومة إلى المحقق العدلي القاضي طارق بيطار، والتي وصلت حداً من الوقاحة يعبر عنه الإحساس المفرط بالقوة، وكان أهمها وأخطرها، التهديد الذي أرسله رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في حزب الله ، ومن ثم جهاراً عبر أمين عام الحزب نفسه، بل ذهبت أبعد من ذلك إلى تعطيل عمل المؤسسات، إذا لم يتم عزل القاضي بيطار.
ولأن استكمال التحقيقات الجنائية وحمايتها هو الممر الإلزامي لضمان حقوق أهالي الضحايا في الوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المسؤولين والانتهاء من التحقيق، لا بد من العمل على:
إن الخلاص اليوم هو في التضامن بين المواطنين والمواطنات من أجل التصدي للإفلات من العقاب في جريمة المرفأ، وتحرير التحقيق من التعطيل المتعمّد، وصولاً إلى تحديد المسؤوليات ومحاسبة المرتكبين. فإذا كانت الدولة لا تستقيم من دون عدالة، فالعدالة لن تتحقق من دون محاسبة.
تحميل الملف