إنّ مجموعة " كلنا إرادة" تثني على القرار الشجاع الذي اتخذه عضو مجلس ادارتها هنري شاوول بالاستقالة من منصبه كمستشار لوزير المالية وكعضو في الفريق الحكومي الذي يقوم بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فقد وضع الدكتور شاوول قيمه ومبادئه فوق المناصب الحكومية في مواجهة سلطة تمعن في تجاهل أيّ إصلاحات جادة.
وممّا لا شك فيه أنّ انسحاب هنري شاوول سيضعف موقف لبنان على طاولة المفاوضات وسيحرم المسؤولين اللبنانيين من مشورة قيّمة. فخبرته الواسعة وأخلاقياته العالية وحسه القوي ببناء الدولة كانت رصيداً للحكومة في هذه الأيام الحرجة التي يمرّ بها لبنان.
ورحيل هنري شاوول هو خسارة للبلاد، ولكنه يؤكد أنّ الطبقة السياسية الحالية غير قادرة على إدارة الأزمة والتي أدى اليها نظام السلطة الحالي، وذلك على حساب مصلحة المواطنين. لذلك لا بدّ من انتقال سياسي واضح وتشكيل حكومة مستقلة عن أي انتماء إلى السلطة الحالية قادرة على التوجه نحو بناء دولة مدنية وإجراء الإصلاحات اللازمة.
دليل واضح على عدم قدرة السلطة في إجراء الإصلاحات اللازمة.
تأتي هذه الاستقالة رداً على محاولات المسؤولين والسلطات النقدية والهيئات السياسية وجمعية المصارف في لبنان التهرّب من إجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة لإنقاذ البلاد من أزمتها، والتمسك بخطة تحافظ على قبضتهم على السلطة وتلقي بعبء الخسائر على كتف المجتمع من دون أي مساءلة.
وقد فشلت الحكومة في إجراء إصلاحات طال انتظارها لإثبات قدرتها للبنانيين وللجهات المانحة الدولية مع استمرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. كذلك، يستمرّ البرلمان في تعطيل إقرار قانون استقلال القضاء وغيره من التشريعات الهامة الرامية إلى الإصلاح. إضافةً إلى ذلك، وبدلاً من حماية قاعدة الناخبين والضغط على السلطة التنفيذية لإقرار حلول فورية، يقوم منتخبون بممارسة الضغط من أجل إخفاء خسائر مصرف لبنان والمصارف التجارية، في محاولة للحيلولة دون إعادة هيكلة القطاع المالي للبلد، رغم أن ذلك سيترك المواطنين والقطاع الخاص والقطاع المصرفي في حالة من شبه الشلل و يعيق التعافي. ومن تبعيات عدم إعادة هيكلة القطاع المالي وإصلاح المالية العامة وتحسين معايير الحوكمة ووقف الهدر أن تطيل من عمر الأزمة وتزيد من حجمها.
وتأتي استقالة هنري شاوول كدليل إضافي على أنّ نظام السلطة غير قابل للإصلاح ولا بدّ أن يتغيّر. وعلى المواطنين اللبنانيين أن يعوا أنه لا بدّ من دولة مدنية قوية قادرة على بناء المؤسسات ومعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي المتردي في البلاد وذلك مراعاةً لمصالحهم.
تحميل الملف