إن إقرار البرلمان لتعديل قانون السرية المصرفية يُعد أول مؤشر ملموس منذ عام 2019 على التزام السلطات بالإصلاحات اللازمة لتعافي لبنان من أزمته المعقّدة.
لقد أقرّت الهيئة العامة للمجلس النيابي نصاً يتطابق إلى حد كبير مع المشروع المحال من مجلس الوزراء، فيمنح القانون الهيئات الرقابيّة والهيئات النّاظمة للمصارف وتحديدًا مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع حق الوصول إلى المعلومات المصرفية، بما في ذلك أسماء أصحاب الحسابات، ويتضمن بنداً لتطبيق المفعول الرجعي لمدة عشر سنوات من تاريخ صدور القانون، مما يتيح التدقيق في الهندسات المالية السابقة والمعاملات التي جرت بعد عام 2019.
وتجاوزت الهيئة العامة بشكل صائب التعديلات التي أدخلت في اللجان المشتركة، لا سيما من خلال إعادة إدراج إمكانية أن يقوم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف بتفويض طرف ثالث صلاحية الوصول إلى المعلومات من أجل تدقيق الحسابات. بالإضافة إلى ذلك، أوكلت المراسيم التطبيقية للقانون إلى مجلس الوزراء بدلاً من حصر القرارات بوزير المالية فقط.
يمثّل هذا القانون فرصة مهمة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب، ومن الضروري أن تستفيد السلطة القضائية والجهات المختصة منه. رغم ذلك، لا يزال الإطار القانوني القائم يحتوي على بعض القيود، ومنها عدم تمكّن القضاة من الوصول إلى المعلومات المالية في إطار الاستقصاء، وإنّما اشتراط وجود دعوى قائمة لطلب المعلومات المصرفية. كما أن الإدارة الضريبية ما زالت عاجزة عن الوصول إلى السجلات المصرفية، بسبب عدم صدور المراسيم التطبيقية للقانون 306/2022 حتى الآن.
نهاية، إن هذا التشريع خطوة أساسية لإطلاق عملية إعادة هيكلة المصارف، على أن يستكمل هذا المسار باعتماد قانونين إضافيين: قانون إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، وقانون لإعادة التوازن للإنتظام المالي.